بحث ..

  • الموضوع

سماحة شيخ العقل الشيخ الدكتور سامي ابي المنى لموقع “لبنان الكبير”: مهمتنا تسهيل التلاقي الوطني

أفرد موقع “لبنان الكبير” اليوم مساحة مهمة على صفحته الالكترونية عن سماحة شيخ عقل طائفة الموّحدين الدروز الشيخ د. سامي ابي المنى، بدءا بمسيرته التربوية والثقافية والحوارية والروحية التي تميّز بها على مدى عقود، ووصلا الى انتخابه في منصبه الجديد. وجاء في المقالة التي كتبها الصحافي عبد الله ملاعب:

يُعتبر الشيخ الدكتور سامي أبي المنى الذي انتخب لمقام شيخ العقل لطائفة الموحّدين الدروز في لبنان في أيلول 2021، من أبرز الوجوه الدينية للطائفة في بيئته وعلى نطاق الوطن. بكثير من الحكمة والتّعقل والإيمان يُجسّد الشيخ أبي المنى، منذ كان مُدرِّساً ومديراً وأميناً عاماً في مدارس مؤسسة العرفان التوحيدية، ومعنياً بمناهج التربية الوطنية والتوحيدية فيها، يُجسّد رسالة السلام والتلاقي والحوار انطلاقاً من المسلك التوحيدي الذي عاشه وتعمّق فيه منذ نشأته ومما تعلّمه عبر فكر إخوانه الشيوخ الموحدين وتجاربهم ليصبح من أبرز وجوه التربية والحوار الإسلامي – المسيحي في لبنان، بإنتاج فكري كبير سمح لأبناء الطائفة الدرزية وغيرهم من اللبنانيين بتكوين معرفة صادقة للرسالة التوحيدية، وكتابه “الحوار الإسلامي – المسيحي في لبنان… رؤية الموحدين الدروز” خير دليل على ذلك، إذ بيَّن هوية الدروز الحوارية وخياراتهم الوطنية والعربية مُزيلا كل المفاهيم الخاطئة.

ويقول الشيخ أبي المنى لـ “لبنان الكبير” إنّ “للدروز ثلاث مُسَلَّمات لا يختلف حيالها أحد من أبناء الطائفة مهما كانت توجهاته السياسية او الفكرية: المعتقد التوحيدي، القيم الأصيلة لتراث بني معروف، والنهج الوطني العربي التوحيدي الإسلامي”.

منذ انتخابه بالتزكية، تَعجّ دار الطائفة الدرزية في بيروت ويَعجّ منزله في قريته الجرديّة شانيه بالمهنئين. وفود شعبية وسياسية ووطنية بارزة، يكسر رتابتها الحضور الشبابي والنسائي اللافت الذي يعكس ثقة هاتين الفئتين بمن يصفونه بالمرجع الروحي التقدمي الذي يلتقيهم باهتمام ويُصغي إليهم جيداً، ولطالما عمل معهم حينما رأس اللجنة الثقافية في المجلس المذهبي. ويؤكد أبي المنى في خطابه يوم انتخابه عمله على صوغ سياسات مع هاتين الفئتين لخدمتهما وتفعيل دورهما بحسب المعلومات، فإن معظم القوى السياسية قدّمت واجب التهنئة بانتخابه، سوى قلّةٍ ممّن اكتفى أفرادٌ منها بذلك، على الرغم من الموقف الرسمي لأحزابهم، علماً أن الحزب الديموقراطي اللبناني أعلن يوم انتخاب أبي المنى أنّه لن يعترف إلا بالشيخ نصر الدين الغريب الذي كان قد عيَّنه الأمير طلال إرسلان شيخاً للعقل منذ 15 عاماً يوم عارض القانون الرامي لتنظيم شؤون الطائفة الدرزية الذي أقرّه المجلس النيابي آنذاك.

وفي هذا الإطار، لا يتنَكَّر أبي المنى لتاريخه ويقول إن ارتباطه بالمختارة يعود لقيادتها النضال الوطني العربي لسنوات عدة، معتبرا أن هذا الارتباط يصبّ لمصلحة الالتقاء الذي هو في عمق الرسالة التوحيدية.

أبي المنى يرى أن ثمة اليوم فرصة حقيقة لتوحيد مشيخة العقل وحل الملفات العالقة المرتبطة بالقيام بمصالحات داخل الطائفة. يفتح باب المجلس المذهبي أمام الجميع ويبدي استعداداً للتعامل مع كل النخب وكل من يبادر. ويتعهد استكمال العمل الإداري داخل المجلس المذهبي الذي نُظمت أعماله عام 2006 حين انطلقت ورشة تنظيمية واسعة للمجلس المذهبي بقيادة سلف أبي المنى الشيخ نعيم حسن. واليوم، يدرك أبي المنى حجم المسؤولية لهذا المنصب الذي يتضمن مسؤوليات إدارية عديدة. ويعد بتحقيق كل ما هو ضروري من دون ادعاء قدرته على تحقيق كل شيء. ويولي ملف الأوقاف الدرزية أهمية كبيرة، مؤكداً على ضرورة استثمارها إذ يقول لـ “لبنان الكبير” إن “الأوقاف من دون استثمار لا تعني شيئا”.

ويحرص أبي المنى على رفع القدرة المالية للمجلس المذهبي لدعم صمود المواطنين. وسيطرح في الأيام المقبلة إنشاء صندوق خاص لدار الطائفة الدرزية يمكن للاغتراب أن يدعمه لإنجاز المشاريع المطلوبة.

لا يتدخل أبي المنى بالسياسة بل يرى أن ثمة مسؤولية ملقاة على عاتقه لتسهيل التلاقي والحوار بين كل اللبنانيين لزرع الأمل وتخفيف الإحباط. سيزوره البطريرك بشارة الراعي في دار الطائفة وسيزور أبي المنى بدوره كل الرئاسات الروحية ولن يدَّخر جهداً لتحقيق جو ايجابي جامع في لبنان، كما أكّد.

وعن الأزمة الأخيرة بين لبنان والخليج، يعتبر أبي المنى أن للطائفة الدرزية باعاً طويلة في تاريخ الدفاع عن ثُغور المشرق العربي الإسلامي ويقول: “إذا كانت المملكة العربية السعودية لا تتنكر لهذا التاريخ المشرّف للموحدين الدروز، فهل نتنكر نحن له؟”.

وفي معرض الأزمات، يرى أبي المنى أن المشكلة في لبنان “أننا ننتقل من أزمة إلى أخرى من دون حل التي قبلها”، مستذكراً في حديثه كمال جنبلاط حين قال: “علّمتني الحقيقة أن أرى جمال التسوية”، ويتحدث عن التدخلات الخارجية بالحال اللبنانية التي تزيد من مخاوف اللبنانيين، ويسترجع قصيدة له ألفها منذ أربعين عاما في قصر المختارة، يقول فيها:

كأنما الشعبُ مرآةٌ على وطني          في قلبها كلُّ شرّ الكون ينقلبُ”

وهو يتقن الشعر الذي جعله أقرب إلى الناس وسهّل عمله في إرساء ثقافة التلاقي الإسلامي – الإسلامي والإسلامي – المسيحي.

مسيرته التي دخلت مع انتخابه شيخ عقل الطائفة حقبة جديدة من النضال الروحي والوطني، شهدت العديد من الإنجازات القيمة على الساحتين الوطنية والداخلية. ففي الساحة الوطنية، أرسى ثقافة الحوار على قاعدة “نرتقي لنلتقي”، وأوضح صورة الموحدين الدروز الحقيقية: مذهباً اسلامياً عربياً. وفي الساحة الداخلية حقق أبي المنى واخوانه في المجلس المذهبي حلم كمال جنبلاط وتوجهات المشايخ بوجود مؤسسة تعليمية توحيدية، حيث أسست عام 2018 “كلية الأمير السيد عبد الله التنوخي الجامعية للعلوم التوحيدية”، وانطلق التدريس فيها عام 2019، واعداً بدعمها وتطويرها.

ويتلاقى سماحة شيخ العقل الجديد الشيخ الدكتور سامي أبي المنى مع وليد جنبلاط في الحرص على تحييد الطائفة الدرزية عن الصراعات الداخلية والمحافظة على هويتها العربية الاسلامية. يعمل بهدوء ليكمل مسيرة الإنجازات ويرفض القول إن ثمة إجماعاً مطلقاً على شخصه، مفضلاً القول إنّ ثمة شبه إجماع بسبب وجود من يعارضه لأسباب لا يريد الخوض فيها مؤكداً على رمزية هذا الموقع الوطني وضرورة الالتفاف حوله، لتصح فيه مقولة أطلقها السفير السعودي لدى تهنئته بمشيخة العقل: “المتواضع دون ضعف والقوي دون غرور”.

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي

تصنيفات أخرى