بحث ..

  • الموضوع

المجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز يشيّع عضو مجلس الإدارة المرحوم فاروق الجردي.

ودّعت مدينة الشويفات والجبل، عضو مجلس إدارة المجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز المرحوم فاروق عادل الجردي، بمأتمٍ مهيب شارك فيه حشد من الشخصيات السياسية والإجتماعية والأهلية والمشايخ ورجال الدين.

وتقدّم المشيّعين سماحة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن، ومعالي الوزير أكرم شهيب ممثلاً رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، النائب فادي الهبر، رئيس المحكمة الإستئنافية الدرزية العليا القاضي فيصل ناصر الدين، رئيس مؤسسة العرفان التوحيدية الشيخ علي زين الدين، النائب السابق فيصل الصايغ، الوزير السابق عادل حميه، أعضاء مجلس إدارة المجلس المذهبي: المحامي نزار البراضعي- القاضي عباس الحلبي – الأستاذ رامي الريس – الاستاذ كميل سري الدين – الشيخ هادي العريضي  – الشيخ د. سامي ابي المنى – الدكتور عماد الغصيني – المحامية غادة جنبلاط – المحامي نشأت هلال، رئيس بلدية عاليه وجدي مراد، مالك أرسلان، وفد كبير من المجلس المذهبي، وفد من الحزب التقدمي الإشتراكي تقدمه وكيل داخليّة الشويفات- خلدة مروان أبو فرج، وفد من عرب خلدة ووفود وشخصيات متنوعة ثقافية وتربوية وسياسية وأمنية وحزبيّة وبلدية.

بدأ حفل التأبين معرّفاً شيبان الجردي قائلاً: “إنّ العين لتدمع وإنّ القلب ليحزن، نعم نحن مؤمنون نرضى ونسلّم لله عز وجل والذي لا يحمد على مكروه سواه، لكننا نبكي ونحزن لأننا بأمس الحاجة إلى وجود فاروق، إلى مشورته، إلى سداد رأيه إن داخل العائلة أو في الشويفات”.

ثم ألقى كلمة “جمعيّة الغد” الوزير عادل حميّه، قال فيها: “نودّع اليوم أخاً وصديقاً وفيّاً وركناً فاعلاً في جمعية الغد للتنمية والإعمار، فكان العين الساهرة دقة ومحاسبة ومراقبة وتنفيذاً، وساهم بالإشراف على وضع خرائط مشروع جميعة الغد السكني والتلزيم بأجود نوعية وبأدنى الاسعار، واستمر قدوة في التنفيذ والمتابعة والتسويق والبيع.. فيا صديقي ستفتقدك جمعيتنا وسنفتقد نشاطك وحيويتك وآراءك القيمة وعزيمتك الصلبة وحسن ادارتك وتفانيك”.

ثم ألقى كلمة الجمعيّة الخيرية لإنماء التعليم الجامعي مؤسس الجمعية الدكتور محمد شيّا، فقال: “رحل فاروق الجردي على عجل وهو المتأني دائماً، بلا موعد، وهو الذي لم يخلف موعداً، بقسوةٍ، وهو الذي كان ارقَّ من نسمةٍ، أجل غادرنا إلى دار الحق صديقي وصديقكم، بل أخي واخوكم، الأستاذ فاروق الجردي، وأخذ معه نظريته الذي لم يملّ من تردادها: أسعدُ الناس من اسعدَ الناس”.

ثم ألقى كلمة المجلس المذهبي رئيس اللجنة الثقافية الشيخ الدكتور سامي أبي المنى، جاء فيها: “الموتُ، كما الحياةُ، سُنّةُ الله في خلقه، والعبرةُ كلُّ العبرة تكمنُ في كيفية الارتقاءِ بالموت ليكون حياةً ثانية، يعيشُ فيها المرءُ ويحيا من جديدٍ بذكره الحسنِ وعمله الطيِّب، وإذا كان قضاءُ الله قدَرٌ لا مفرَّ منه ولا قدرة للإنسان على ردِّه، فإنَّ سبيلَ الارتقاء هو من صُنع الإنسان نفسه، فهو المسؤول والمُخوَّلُ بتحقيق كماله الإنساني، وهو القادرُ على الاختيارِ والاجتناب والاكتساب والتكيُّف، وما الموتُ إلَّا المحطةُ الاهمُّ التي تنتظرُ الإنسانَ أو التي ينتظرُها هو للعبور الأخير إلى حيث اختارَ أن يكون، وقد كتب القاضي الشاعر الشيخ أحمد تقي الدين بهذا المعنى بيتين من الشعر وُضعا على مدفنِه:

“إلى هنا تَنتهي الدنيا بصاحبِها              فلا خلودَ  له  إلا  بذكراهُ

فارقتُ دُنيايَ  لم أجزعْ لآخرتي              فالمرءُ دُنياهُ  مرآةٌ  لأُخراهُ”.

وأضاف أبي المنى: “أمَّا فقيدَنا الغالي فاروق الجردي فقد كان واحداً من أُولئك الرجال الذين ملأوا حياتهم بالعطاء والتضحية، متميِّزاً باندفاعه وشهامته ونخوته المعروفية ومتحليَّاً بصفاتِه الإنسانية النبيلة، فكان حريصاً على التمسُّك بالمبادئ والحفاظ على المكارم، مشدِّداً على غرس بِذار الوطنية والإلفة والعيش المشترَك في العقولِ والقلوبِ، وعاملاً بثقةٍ وإخلاص على بثِّ روح الانتماء الحقيقي إلى التراث والتاريخ والوطن، وعلى زرعِ قيَمِ الصدقِ والمروءةِ والمحبة والأُخوَّة في المجتمع، بما اختزن في ذاتِه من رقيٍّ ومعرفة، وما تميَّز به من عقلانيةٍ وحكمة، وما حمله من إيمانٍ راسخٍ وفضائلَ وأريحية”.

تابع أبي المنى: “وكما عرفه أهلُ الشويفات والجبلِ المناضلَ الثائرَ ورجلَ المجتمعِ المُثابر، عرفناه في المجلس المذهبي لطائفة الموحِّدين الدروز، وعلى مدى ما يقاربُ السنوات العشر، الأمينَ المؤتمَنَ على المال والقانون، وصاحبَ الكلمةِ الشجاعة والمُحقّة، مقدِّماً المثلَ الأعلى في التضحية والالتزام، ومُطلِقاً الأمثالَ والحِكَمَ والأقوالَ المأثورةَ لإثباتِ رأيٍ أو اتِّخاذ موقف، غيرَ مساومٍ على حقٍّ وغيرَ منجرفٍ وراءَ باطل، مبدأُه قولُ الإمام الشافعي: “رأيي صوابٌ يحتملُ الخطأ ورأيُ غيري خطأٌ يحتملُ الصواب”، ولهذا كان محاوِراً لبِقاً وفكراً منفتحاً على الحلول بثقةٍ واحترام، بقدرِ ما كان صَلباً ومبدئيَّاً في طروحاتِه، ومتمسِّكاً بالحقِّ إلى أبعدِ الحدود”.

وقال: “نودِّعُ الأخَ والزميلَ والصديقَ فاروق الجردي، ونحن نستشعرُ الخسارةَ الكبيرةَ بفَقدِه، وهو مَن كان ملتزماً معنا بمهمة المجلس المذهبي، التزامَه برسالة الموحِّدين الدروز في هذه البلاد، متعلِّقاً بقضاياهم الوجودية ودورِهم الوطنيِّ والحواريِّ الجامع تعلَّقَه بالأرضِ والهويَّة، معتبراً أنَّ الأرضَ ليست سِلعةً للبيع والشراء، إنّما موضِعُ سكَنِ الروحِ ونموِّ العنفوان، وأنَّ الهويّةَ معروفيةٌ وطنيةٌ عربيةٌ إسلامية، ولهذا لم يهجرِ الأرضَ ولم يتركِ الإيمانَ، بل نهل من مائهِما العذبِ وخيرِهما العميم، وغذّى روحَه من تراث تلك الدوحةِ الوطنيةِ التوحيديةِ الوارفة، وعاش عمره مفتخراً بمدينة الشويفات الأبيّة؛ بوابة الجبلِ إلى الساحل والساحل إلى الجبل، ومعتزَّاً بتاريخ أجدادِه الموحِّدينَ حماةِ الديار، مقدِّماً في ذلك منطقَ التاريخ والوحدة الوطنية على ما عداه، وكأني به كان دوماً يصولُ ويقولُ في أجدادِه الميامين:

جذورُهم  في  تراب العُرب ضاربـــةٌ          وأصلُـهم راسخٌ، تزهـو بــه الضَّـادُ

صاغوا بلبنانَ  من أرواحهم وطنــاً          من طين أشلائهــم بُنيـانـَه شـــادوا

وثـبّـتوا   بالـدّم    القانــي   عروبتـَـه          وبالقلـــوب  عـن استقلالـــه  ذادوا

ووحـدةُ العيـش  عهدُ الحـبّ  بينهـمُ           لم يُفسـدِ  الحـبَّ  أعــداءٌ  وحُسَّادُ

لَكَـْم  تباهـت  جبـالٌ  في  مواقفهـــم           وكــم علت صهــوةَ التاريخ أمجـادُ

إن يُخطـئِ البعضُ تقديراً، فواعجَبـاً           لا تَحصُـرُ المجـــدَ أحجـامٌ وأعـدادُ”.

وختم قائلا: “نعم أيُّها المشايخُ والأخوةُ الكرام، لقد كان فاروق الجردي ضنيناً بتراث أهلِه، محافظاً على ما ورثه عنهم من مواقفَ وطنيةٍ مُشرِّفة، وبقيَ طوال عمرِه قلباً نابضاً بالأصالة، داعياً إلى وحدة الموقف والكلمة، ومدرسةً في الدفاع عن ثغور الحقِّ، كما دافع أجدادُه عن ثغور الشرق، وهو مَن كرَّم أهلَه وعارفيه في حياته، كما كرَّم أصدقاءَه الكُثُرَ من كلِّ مذهبٍ ودين، وها نحن اليومَ نُكرِّمُه في مماته ونودّعُه، كرفاقٍ له في المجلس المذهبي، بأسىً وحسرة، ولكنْ برضىً ورجاء، ونحن نراهُ يرحلُ عن هذه الدنيا بهدوءٍ وسلام، راضياً مَرضيّاً، معاهدينه أن نستمرَّ في عملِنا الاجتماعيِّ والتوحيديِّ بذات الاندفاع وروح التطوُّعِ والمسؤولية، متطلِّعين إلى الغد الأفضلِ الذي كان يرنو إليه، عاملين مثلَه وإلى جانب صاحب السماحة ومن ورائه على تثبيت دعائم المجلس لتحقيق أملِ المجتمع وطموحِ أبنائه، ولتلبية حاجات أهلنا وأخواننا وأبنائنا الموحِّدين، ولتأكيد مشاركةِ الموحدينَ الفاعلة والإيجابية معَ أخوانِهم اللبنانيين، متحسِّرين على غيابه المُفجِع كأحد أبرز النُّخَبِ بينَنا”.

ثم ألقى كلمة النائب وليد جنبلاط الوزير شهيَب، فقال: “نودّع اليوم فاروق الجردي، إبن بيت كريم، إبن المرحوم عادل كامل الجردي طيّبَ الله ثراه، وابنُ عائلةٍ وطنيةٍ عريقةٍ ما سعى يوماً إلا للخير العام، وما قصّر يوماً في العطاء وفي السعي ليبقى اسمُ الشويفات عالياً ولتبقى الشويفات مدينة العيش الواحد ومدينة الوطنيّة الصادقة، ففاروق، في محيطهِ القريب والأكبر تعوَّدَ أن يكون صلة الوصل يجمعُ ولا يفرِق، يحاور ويقنع ويؤمِنُ أنَّ التنوع غنى سياسياً كان أو دينياً أو مذهبياً، نفتقِدُ هذا الإنفتاح الإيجابي وسنفتقده دائماً وعزاؤنا ان هذا النهجَ العقلاني القائم على المحبّة والإخلاص باتَ مساراً يحصِنُ لبنان”.

أضاف شهيب: “في غياب الأخ العزيز فاروق، يخسرُ حزبُنا التقدميّ الإشتراكيّ صديقاً صدوقاً وشريكَ سعيٍ لخيرِ الناس في الشويفات وفي الجبل وفي لبنان، وبإسمي وبإسم الحزب التقدمي الإشتراكي أتقدَّمُ بأحرِ التعازي من عائلة الجردي الكريمة ومن كلِّ عائلاتِ الشويفات وكلّ أصدقاء فقيدنا الكبير”.

ثم ألقى كلمة العائلة والشويفات نبيل نمر الجردي، وجاء فيها: “ما حسبت هكذا يكون الوداع وما خلت نفسي أمام نعشك راثياً باكراً أسرجت خيل السفر ومضيت إلى الأعلى حيث لا ألم ولا أنين. أبا عادل، يا قطرة نقية من ينابيع لبنان وبريقاً في كل نجمة من نجومه، كان ممتلئاً حيوية وتمرداً وسمواً. قاطعاً كالسيف. كان يقول الحق ولو في حضرة سلطان جائر ويقول للأعمى أنت أعمى عله يبصر. كان كبيراً بتواضعه لأنّه من النخبة والنخبة هم القادة في التاريخ إذا تكلم فبالحكمة وإذا صمت فصمته أبلغ اللغات”.

بعد ذلك ألقى كلمة الشهادة بالفقيد شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن، معدداً مزايا الفقيد، وشاهداً على مسيرته المعطاءة في الخدمة العامة، وعلى نبلِ أخلاقه وإيمانه التوحيدي المجبول بسيف الحق وكلمة السواء”.

ثم أقيمت الصلاة عن روحه ووري الثرى في مدافن آل الجردي.

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي

تصنيفات أخرى